الاحاديث الضعيفة وأثرها
المسلم
الصادق هو الذي يحرص على نقاء الدين وصفاء الشريعة من كل دخيل وغريب ، فقد
أكمل الله علينا النعمة ، وأتم لنا المنة بهذه الشريعة السمحة ، وأخذ
الميثاق على أهل العلم أن يبلغوه للناس ولا يكتموه ، وذم كثيرا من الذين
أوتوا الكتاب من الأمم السابقة حين ابتدعوا في دينهم ما لم يأذن به الله ،
ونسبوا إلى شرائعهم ما لم ترد به ، وفي جميع ذلك دعوة إلى الحرص الشديد
على ذب الكذب عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، ومحاربة كل من يتطاول
عليها بالأحاديث والأحكام المفتراة .
ولعل الأهم في هذا الشأن هو
اقتراح بعض الخطوات العملية التي تساهم في حصر انتشار الكذب على رسول الله
صلى الله عليه وسلم وتضييق دائرته ، ومن ذلك :
1- تعريف الناس
بخطورة الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأنه كبيرة من كبائر الذنوب
، يستحق فاعلها أن يذوق العذاب الأليم في دركات جهنم ، قال النبي صلى الله
عليه وسلم : (مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ
مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ) رواه البخاري (110) ومسلم (3) .
2- نشر
الكتب التي تعتني ببيان الأحاديث الضعيفة والمكذوبة ، مثل كتاب "
الموضوعات " لابن الجوزي ، وكتاب " الموضوعات " للشوكاني ، و "سلسلة
الأحاديث الضعيفة والموضوعة" للألباني ... وغيرها .
3- العناية بمواقع الإنترنت المتخصصة في هذا الشأن ، ومن أهمها موقع "الدرر السنية".
4-
بيان عظيم جناية الأحاديث المنكرة والموضوعة على فكر الأمة وثقافتها
وتراثها ، وكيف كانت سببا في انحراف الكثيرين عن الجادة ، كما كانت سببا
مباشرا لانتشار الخرافة والشطح والغلو ، مع أخذ العظة والعبرة من الأمم
التي حرف دينها ومسخت شريعتها بسبب عدم صيانة علمائها لها عن الدخيل
والموضوع ، ومثال ذلك في الأديان : النصرانية ، وفي الفرق : الرافضة .
قال الإمام الذهبي رحمه الله :
"
فبالله عليك إذا كان الإكثار من الحديث في دولة عمر بن الخطاب رضي الله
عنه ، كانوا يُمنَعون منه مع صدقهم وعدالتهم وعدم الأسانيد - بل هو غَضٌّ
لم يشب - ، فما ظنك بالإكثار من رواية الغرائب والمناكير في زماننا ، مع
طول الأسانيد وكثرة الوهم والغلط ؟!
فبالحري أن نزجر القوم عنه ،
فيا ليتهم يقتصرون على رواية الغريب والضعيف ، بل يروون – والله -
الموضوعات والأباطيل والمستحيل في الأصول والفروع والملاحم والزهد .
نسأل الله العافية .
فمن
روى ذلك مع علمه ببطلانه وغَرَّ المؤمنين : فهذا ظالمٌ لنفسِهِ ، جانٍ على
السُّنَنِ والآثار ، يُستَتاب من ذلك ، فإن أناب وأقْصَر وإلا فهو فاسقٌ ،
كفى به إثماً أن يحدِّثَ بكلِّ ما سمِع . وإن هو لم يعلم : فليتورّع ،
وليستعِن بمن يُعينُهُ على تنقية مروياته .
نسأل الله العافية.
فلقد
عَمَّ البلاء ، وشمَلت الغفلة ، ودخل الدّاخل على المحدّثين الذين
يَرْكَنُ إليهِم المسلمون . فلا عتبى على الفقهاء وأهل الكلام " انتهى.
" سير أعلام النبلاء " (2/601) .