اهلا بك معنا فى منتدى اتباع الحبيب المطصفى يشرفنا تسجيلك معنا
اهلا بك معنا فى منتدى اتباع الحبيب المطصفى يشرفنا تسجيلك معنا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مسلمين
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

  شبهات حول استخلاف أبي بكر الصديق

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم22
مشرف الملتقى العام
مشرف الملتقى العام



عدد المساهمات : 449
تاريخ التسجيل : 18/12/2010
العمر : 38
الموقع : السعوديه-جده غير

  شبهات حول استخلاف أبي بكر الصديق Empty
مُساهمةموضوع: شبهات حول استخلاف أبي بكر الصديق     شبهات حول استخلاف أبي بكر الصديق Emptyالإثنين ديسمبر 27, 2010 10:01 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
----
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

مع كل ما سبق عرضه، إلا أننا نجد المغرضين لا
يعجبهم ذلك، فقد أكثرت طوائفهم، وفرقهم، من شيعة، وعلمانية، ومستشرقين، من
وضع الشبهات، وأكثروا من الطعن في كل رموز الإسلام، في أبي بكر، في عمر، في
علي، في عائشة، في سعد بن عبادة، وفي غيرهم ولعلنا نضع هنا سؤال:

-
إذا لم يكن الصديق رضي الله عنه فمن غيره يكون خليفة؟!

وهذا ليس
مجرد عصف ذهني، أو مجرد طرح نظري لأسماء أخرى، ولكن هذا السؤال؛ لأن هناك
طوائف مختلفة من المشككين في خلافة الصديق رضي الله عنه طرحت أسماء أخرى؛
للطعن في خلافة الصديق رضي الله عنه، ولتشويه الصورة الجميلة للجيل الأول،
ولأهداف أخرى كثيرة، كثير من المستشرقين فعل ذلك، وسار على نهجهم بعض
المستغربين من أبناء المسلمين، وكثير من طوائف الشيعة أيضًا فعلت ذلك، ولم
يطعنوا في خلافة الصديق رضي الله عنه فقط، بل في خلافة عمر وعثمان أيضًا
رضي الله عنهم أجمعين.

وتكاد تنحصر الأسماء المرشحة في شخصين:

الأول:
هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه، والثاني: هو سعد بن عبادة رضي الله عنه
زعيم الخزرج والأنصار.

أما سعد بن عبادة فقد تحدثنا عن تفصيلات
موقفه، ولماذا كان مرشحًا للخلافة؟ وكيف نزل الأنصار عن رأيهم بترشيحه؟
والعدول بعد ذلك إلى ترشيح أبي بكر الصديق رضي الله عنه؟ وكيف بايعوا
جميعًا بما فيهم سعد بن عبادة رضي الله عنه؟

وأما عمر بن الخطاب رضي
الله عنه، فلم يطرح اسمه حقيقة من أحد، اللهم إلا من أبي بكر الصديق نفسه
يوم السقيفة، لما رشحه للخلافة وقال:

أنت أقوى مني.

فقال
عمر:

قوتي مع فضلك.

والجميع يعلم أن أبا بكر مقدم على عمر،
وعمر نفسه كان يقول:

والله لئن أقدم فتضرب عنقي، لا يقربني ذلك من
إثم، أحب إلى علي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر.

كما أن الشدة
المعروفة عند عمر رضي الله عنه لم تكن مناسبة للأمة، وهي خارجة من المصيبة
الكبيرة بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم.

شبهة أحقية علي بن أبي
طالب رضي الله عنه بالخلافة

إذن يبقى اسم واحد محل كلام ونقاش
وجدال، وهو البطل الإسلامي العظيم علي بن أبي طالب رضي الله عنه، هذا
الصحابي الجليل رضي الله عنه، أشاع كثير من الشيعة أنه كان أحق بالخلافة من
أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وأعجبت الفكرة كثير من المستشرقين، فذكروها
في كتبهم على أساس أن الخلافة حق منهوب من علي بن أبي طالب، بل إن بعض
الشيعة المتطرفة تجاوزت الحدود في علي بن أبي طالب، وادعت أنه كان أولى
بالرسالة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهم في ذلك تخاريف عظيمة، بل إن
طائفة أخرى تجاوزت هذا الأمر إلى تأليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه،
تعالى الله عما يصفون، هذا الغلو في علي بن أبي طالب رضي الله عنه ظهر في
أواخر أيام عثمان بن عفان رضي الله عنه، في بدايات الفتنة واتساع رقعة
الإسلام، ودخول الكثير من المغرضين في دين الله، ومحاولتهم هدم الإسلام من
جذوره وأصوله، دخل في دين الله كثير من اليهود والمجوس الذين أرادوا أن
يقسموا الدولة الإسلامية إلى طائفتين متنافرتين من جهة، وأن يطعنوا في رموز
الصحابة من جهة أخرى، وقد يكون عبد الله بن سبأ اليهودي هو أول من أشاع
بين الناس فكرة التشيع لعلي بن أبي طالب، وإنه أولى بالخلافة من عثمان بن
عفان، بل ومن أبي بكر وعمر رضي الله عنهم أجمعين، وكان لعبد الله بن سبأ
أعوان من قبائل شتى، كلها تنقم على الإسلام لأسباب مختلفة، وكثير منهم من
أرض فارس حيث الأقوام الذين أكل الحقد قلوبهم، لانهيار دولتهم على أيدي
المسلمين بقيادة أبي بكر، ثم عمر رضي الله عنهما.

وما زالت إلى الآن
هذه المغالاة في علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأكثر طوائف الشيعة
اعتدالًا ترى شرعية خلافة الصديق، وعمر على سبيل جواز إمامة المفضول
للفاضل، أي أنهم يزعمون أن علي بن أبي طالب أفضل من أبي بكر وعمر وعثمان،
لكن يجوز أن يتولى الخلافة الأقل فضلًا، هذا الفكر المتشيع لعلي بن أبي
طالب رضي الله عنه لا يقتصر فقط على طوائف الشيعة، بل كما ذكرنا أعجبت
الفكرة المستشرقين، فذكروها في كتبهم، وأفردوا لها البحوث، والتحليلات،
وانتقل هذا الفكر إلى طائفة من المسلمين المحسوبين على أهل السنة،
والمتعلمين على أيدي هؤلاء الغربيين، والله لقد قرأت في هذا الموضوع كتابات
يقشعر منها البدن، ويكاد المرء يصاب بالغثيان من أولئك الذين يطعنون في
صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الصورة، وما زال هذا الفكر يدرس
إلى الآن في جامعات إسلامية وغربية كثيرة.

وسؤال هام قد يطرأ على
الذهن:

لماذا اختار عبد الله بن سبأ اليهودي، أو غيره ممن ابتدع هذه
الفكرة، لماذا اختاروا اسم علي بن أبي طالب رضي الله عنه ليدعوا أنه كان
أحق بالخلافة؟

لماذا لم يختاروا أي صحابي جليل آخر، وما أكثر
الصحابة؟

لقد فكر هؤلاء في أنه لكي يقتنع الناس بشخصية أخرى غير
الصديق رضي الله عنه، وعمر، وعثمان رضي الله عنهما لا بد أن يأتوا باسم
تهفو له نفوس المسلمين بصفة عامة، ويشعرون بعاطفة كبيرة نحوه، ونفوس
المسلمين قد تهفو إلى كل الصحابة، إلا أن علي رضي الله عنه يتميز عنهم
بأمرين هامين جعلا المغرضين يختارونه لهذا الأمر، أما الأول:

فهو
لقرابته رضي الله عنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو ابن عمه ومن
بني هاشم وأقرب إلى الرسول من أبي بكر وعمر وعثمان.

وأما الثاني فهو
أنه زوج ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو أحفاده الحسن والحسين
رضي الله عنهما أولاد السيدة فاطمة رضي الله عنها، وليس هذا لأحد غيره، نعم
تزوج عثمان بن عفان رضي الله عنه ابنتين لرسول الله صلى الله عليه وسلم،
لكنه لم يكن له أولاد من السيدة رقية والسيدة أم كلثوم يحملون نسل الرسول
صلى الله عليه وسلم.

لهذين السببين اختاروا على بن أبي طالب كي
يستغلوا اسمه في تفريق المسلمين إلى طائفتين شيعة، وسنة وما زال هذا
التقسيم إلى الآن موجودًا.

وقبل أن نرد على هذين الأمرين فإننا نريد
أن نقول أننا لا يجب أن يدفعنا حبنا للصديق رضي الله عنه، ورفضنا لفكرة
الإشاعة بأن علي بن أبي طالب كان أحق بالخلافة من الصديق رضي الله عنه، لا
يجب أن يدفعنا هذا الأمر إلى التقليل من شأن الصحابي الجليل العظيم على بن
أبي طالب رضي الله عنه، فله من المناقب والآثار ما نعجز عن وصفه في مجلدات
ومجلدات، وهو أول من أسلم من الصبيان، وله مواقف مشهورة في تاريخ الإسلام،
وفي الهجرة، وفي كل الغزوات، وكان مقربًا لقلب رسول الله صلى الله عليه
وسلم، وله مواقف عظيمة حتى بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم في خلافة
الصديق، وعمر، وعثمان رضي الله عنهم، ثم في خلافته هو رضي الله عنه، وفي
الجملة فهو من أفضل الصحابة على الإطلاق، بل يجزم كثير من العلماء المسلمين
أنه رابعهم في الفضل بعد الصديق أبي بكر، وعمر الفاروق، وذي النورين عثمان
رضي الله عنهم جميعًا، إذا وضعنا هذه الخلفية في عقولنا، فإننا نكون في
مأمن من التقليل من حجم شخصيته، وهذا هو عين الصواب في التعامل مع جيل
الصحابة بأكمله، رضي الله عنهم أجمعين.

ونعود إلى الأمرين اللذين
تميز بهما علي بن أبي طالب رضي الله عنه على غيره من الصحابة، وهما قرابته
من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزواجه من ابنته فاطمة رضي الله عنها.

أما
الأمر الأول: قرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم:

فهل تكفي
القرابة لتقديم شخص على آخر؟

وهل تاريخ الرسول صلى الله عليه وسلم
يشير من قريب، أو بعيد في جعل هذا الأمر لقرابته؟

ألم يقل صلى الله
عليه وسلم:

الْأَئِمَّةُ فِي قُرَيْشٍ.

ولو أراد لقال الأئمة
في بني هاشم، لكنه لم يرد ذلك، دعوة الإسلام ليست دعوة قبلية، ولو أخذها
علي بن أبي طالب لكان ذلك دليلًا على القبلية لا يقاوم، ومنذ متى تنفع
القرابة أو تجدي، حتى وإن كانت قرابة الرسول صلى الله عليه وسلم؟

بل
ألم نشاهد أبا طالب العم القريب إلى قلب الرسول صلى الله عليه وسلم يظل
كافرًا حتى آخر لحظة من حياته فيدخل النار، كما أخبر بذلك رسول الله صلى
الله عليه وسلم؟

وهل كانت العقليات والكفاءات في عائلة رسول الله
صلى الله عليه وسلم أعلى وأكبر من العقليات والكفاءات خارجها؟

لقد
حاول رسول الله صلى الله عليه وسلم طيلة حياته أن يرسخ في أذهان الأمة أن
المرء بعمله لا بنسبه، فلو أخذها رجل من بني هاشم مع وجود من هو أعلى منه
كفاءة وأعظم فضلًا أكان ذلك يرضيه صلى الله عليه وسلم؟

هذا كله ولا
شك لا يقلل من فضل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولكن ولا شك أن الخلفاء
الثلاثة الأوائل قد فاقوه في الفضل بإجماع الأمة وقتها وبعد ذلك، ولم يكن
للقرابة أن تغير من هذا الفضل أبدًا.

ثم هل كان يتقدم علي بن أبي
طالب رضي الله عنه، وهو لم يتجاوز الثلاثين من عمره إلا بقليل على الأشياخ
الكبار بالنسبة له كأبي بكر وعمر وعثمان؟ علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان
يبلغ من العمر وقت وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم حوالي 31 سنة بينما كان
الصديق رضي الله عنه في الواحدة والستين من عمره، نعم تولى قيادة بعض
الجيوش الإسلامية شباب كثير، لكن قيادة الجيوش شيء وقيادة الأمة شيء آخر،
ولا شك أن الخبرات المتراكمة لرجل مثل الصديق رضي الله عنه كانت نفعًا
للأمة، والأمة لم تخسر طاقات الشباب، فالصديق الإمام يوجه، وينظم، ويخطط،
والجميع في الأمة ينفذ.

والأمر الثاني: هو زواج عليّ من فاطمة بنت
النبي صلى الله عليه وسلم، أكان ذلك الأمر يؤهله للخلافة؟

إذا كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغني عن فاطمة نفسها رضي الله عنها شيئًا،
ولا تنجو إلا إذا عملت، أفيغني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زوج ابنته
إلا إذا عمل؟

- روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قام
رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل الله عز وجل:

[وَأَنْذِرْ
عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ] {الشعراء:214} قال:

يَا مَعْشَرَ
قُرَيْشٍ- أو كلمة نحوها- اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ لَا أُغْنِي عَنْكُمْ
مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَا أُغْنِي
عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا صَفِيَّةَ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ
شَيْئًا، وَيَا فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍٍ، سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ
مِالِي لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا.

وهكذا فإن الرسول
صلى الله عليه وسلم وضح أن هذه العلاقات لا تقدم ولا تؤخر في فضل المؤمنين،
وإن التفاضل بين الناس لا يكون إلا بالتقوى والعمل الصالح، والكفاءة، وغير
ذلك من الأمور المكتسبة، ولا يتفاضل الناس بحسب الأشياء التي لا دخل لهم
فيها، كالنسب، واللون، والجنس، والحالة المادية، وغير ذلك من أمور التفاضل.

ولعل
هذا هو الحكمة أو جزء من الحكمة التي من أجلها لم يعش لرسول الله صلى الله
عليه وسلم أولاد من الذكور، فإذا كان الناس تشيعوا هكذا لعلي بن أبي طالب
رضي الله عنه، واستخلفوه للتفريق بين المسلمين، فماذا كان يفعل المسلمون مع
ابن الرسول صلى الله عليه وسلم لو عاش، لا شك أن طائفة الشيعة هذه كانت
ستجد فيه، وفي ذريته ذريعة للاتباع، وتفريق المسلمين تحت قيادات مختلفة.

ولا
شك أن الذين أشاعوا هذه القضية كانوا يعلمون أن حجتهم ليست بالقوية، فهم
يطلبون خلافة لعي بن أبي طالب رضي الله عنه على أساس القبلية والقرابة، وهي
مؤهلات غير مقبولة في الشرع الإسلامي، فماذا يفعلون حتى يثبتوا خلافة في
غير موضعها؟ لقد بحثوا عن مصداقية أخرى لهذا الأمر فوجدوها.

ادعاء
وصية النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بالخلافة

فها هي فرية أخرى
ابتدعوها ابتداعًا، تلك الفرية هي: الادعاء بأن الرسول صلى الله عليه وسلم
قد أوصى لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه بالخلافة من بعده، نشرت طوائف كثيرة
من الشيعة هذه الإشاعة، وأعجبت المستشرقين، والعلمانيين حتى درّسوها في
المدارس والجامعات، حتى يوهموا الدارسين أن المخالفات بين الصحابة كانت
مبكرة جدًا، بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، للأسف الشديد، فإنني وجدت
مثل هذه المناهج تدرس وبشدة في أكثر من جامعة، ووجدت أيضًا كتبًا كثيرة
تتبنى هذا الفكر مع كونه مغايرًا للحقيقة تمامًا.

للرد على هذه
الإشاعة أو الشبهة، شبهة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أوصى لعلي بن أبي
طالب رضي الله عنه بالخلافة نقول:

أولًا: لم يرد بهذه الوصية نقل
صحيح، كل الروايات التي ذكرت هذه الوصية روايات في غاية الضعف، بل هي
موضوعة من الأصل، ونحن كمسلين حريصين على ديننا يجب أن نحرص أن ننقل الصحيح
فقط من الروايات، وخاصةً في هذه القضايا الشائكة، وهذه الأمور التي يطعن
بسببها في صحابي أو أكثر، ومن أراد أن يخرج علينا بفكرة الوصاية هذه، فليأت
بدليل صحيح وإلا فما أسهل الكلام.

ثانيًا: إذا كانت هناك وصية
معلومة من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه
للزم أن نفترض أن الصحابة جميعًا اتفقوا على مخالفتها، ومخالفة وصية كهذه
تكون مخالفة صريحة للشرع، فيلزم هنا الاتهام الصحابة جميعًا بالمخالفة
الشرعية للإسلام، وفي أمر خطير كهذا، وهذا ما لا يعقله عاقل، كيف يتفق جيل
بأكمله على خلافة رجل، وإنكار خلافة رجل آخر مع وجود الوصية بغير ذلك، مع
العلم أن أبا بكر الصديق وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما كلاهما من قريش،
فلا مجال لترجيح واحد على الآخر إن كان هناك وصية بذلك، وكيف يتفق الأنصار
مع القرشيين ضد علي بن أبي طالب؟

هذه تساؤلات لا رد عليها عند طوائف
الشيعة التي تتبنى فكرة الوصية لعلي بن أبي طالب، ولم يستطيعوا أن يخرجوا
من هذا المأزق إلا بأمر عجيب: هو أنهم فَسّقوا، وأحيانًا كَفّروا كل جيل
الصحابة إلا مجموعة تعد على أصابع اليدين منهم، وهذا من المستحيل أن يستساغ
عقلًا، فضلًا عن غياب النقل الصحيح بذلك.

وهذا الموقف في غاية
الخطورة ترتبت عليه نتائج خطيرة، فهذه الطوائف الشيعية المتجاوزة قالت:

إن
كل هؤلاء الصحابة بدّلوا وغيّروا في أمر خطير كهذا، فكيف يقبل منهم بقية
الأمور؟

ولذلك قالوا أنهم لا يجب أن ينقلوا عنهم حديثًا، ولا دينًا،
ولا تشريعًا، ولا فقهًا، فحرموا أنفسهم وأتباعهم من آلاف الأحاديث التي
نقلت عن طريقهم، قالوا:

لا نأخذ عن عائشة،

لا نأخذ عن أبي
هريرة،

لا نأخذ عن عمر بن الخطاب،

لا نأخذ عن عبد الله بن
عمر،

لا نأخذ عن عبد الله بن عمرو،

لا نأخذ عن كامل الأنصار،

إذن
أين الدين؟

أين الشرع الذي تتبعون؟

لا يأخذون إلا ما جاء عن
طريق علي بن أبي طالب، وعدد محدود جدًا لا يزيد عن العشرة من صحابة الرسول
صلى الله عليه وسلم، وينقل عنهم بواسطة طرقهم الخاصة التي هي في غالبها
ضعيف، بينما يعرضون كلية عن كل الطرق التي قبلها علماء السنة المسلمين؛
لأنهم كما يقولون نقلوا عن الصحابة الذين تآمروا في زعمهم على علي بن أبي
طالب، من ثم فهم لا يعترفون بالبخاري ولا بمسلم ولا بسنة أبي داود أو
الترمذي أو النسائي أو ابن ماجه، والإمام أحمد، أو غيرهم من أئمة الحديث
عند المسلمين، وهذه بالطبع كارثة، هاوية سحيقة، بل هي ضرب للدين في أصوله.

ثالثًا:
إذا كان هناك فعلًا وصية لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، فلماذا لم يصرح
بها علي بن أبي طالب؟

أو حتى يكتفي بالإشارة أو بالتلميح، ألا يعد
علي بن أبي طالب هنا كاتمًا لما أوصاه به رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

إذا
كانت هناك وصية لأحد فكتمها يعد مخالفة للشرع، أيفعل علي بن أبي طالب ذلك؟

قالت
الشيعة: إنه كتم هذا الأمر تقية.

أي يتقي الصحابة فكتم الأمر خوفًا
على نفسه إلى أن تأتي الظروف، ويتمكن من الحكم، لا حول ولا قوة إلا بالله،
أي مجتمع هذا الذي تصفون؟

ثم ألم يكن علي بن أبي طالب شجاعًا
مقدامًا لا يخاف في الله لومة لائم؟ أيكتم هذا الأمر تقية؟

ثم من
يتقي؟

هل علي بن أبي طالب الهاشمي، وقبيلته التي هي أعظم قبيلة في
قريش، هل يتقي أبا بكر التيمي وقبيلته بني تيم التي من أضعف بطون قريش؟

لا
أعتقد أن أحدًا يقبل ذلك عقلًا.

رابعًا: هل كانت فاطمة بنت محمد
رضي الله عنها بعيدة عن سرير أبيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقد كانت
بجواره حتى آخر اللحظات، فهل لم تعلم منه شيئًا خطيرًا كهذا حتى تخبر به
بعد ذلك؟

وهل منع علي بن أبي طالب من زيارة الرسول صلى الله عليه
وسلم حتى لا يخبره بهذا الأمر؟

من الواضح بدراسة كل الملابسات أن
هذه الوصية ما هي إلا قصة مختلقة لم يعرف بها أحد إلا بعد أن وضعت، وألفت،
ولفقت لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

إرسال علي بسورة براءة في
موسم الحج

شبهة جديدة قالوها في هذا المضمار أيضًا، قالوا لقد أرسل
رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًا بن أبي طالب رضي الله عنه بسورة
(براءة) ليقرأها على الناس في الحج، يقطع بها عهود المسلمين معهم، وفي ذلك
كما زعموا إشارة إلى استخلاف علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومن المعروف أن
أمير الحج في هذا الموسم هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فقالوا:

لو
لم يكن يقصد أن يستخلف عليًا لجعل أبا بكر هو الذي يقطع العهود، وسبحان
الله ما أبسط الشبهة وما أتفهها.

أولًا: نزلت سورة براءة بعد خروج
أبي بكر بوفد الحج، وكان أبو بكر هو الأمير، فلما نزلت السورة أرسل رسول
الله صلى الله عليه وسلم رجلًا من رجاله لم يكن في الحج، وهو علي بن أبي
طالب بالسورة حتى يصل بها إلى الناس المجتمعة في الحج.

ثانيًا: من
عادة العرب أن الذي ينقض عهد رجل لا بد أن يكون من قبيلته، فلكي يقطع عهد
محمد صلى الله عليه وسلم لا بد أن يكون الناقض من قبيلته وهو علي بن أبي
طالب رضي الله عنه، والحديث هنا في موسم الحج ليس للمسلمين فقط حتى يكلف
الرسول صلى الله عليه وسلم أبا بكر، ولا ينظر إلى تقاليد العرب في نقض
العهود.

بل إن الحديث المقصود موجه إلى المشركين في الأساس، فلا بد
أن يصل إليهم بالصورة التي يقبلوها دون جدال ولا نقاش.

ثالثًا: لقد
تعلق المغرضون بإشارة خفية في إرسال علي بن أبي طالب، وأغفلوا أمرًا جليًا
واضحًا في ذات القصة، وهي أن علي بن أبي طالب لما جاء إلى أبي بكر الصديق
رضي الله عنه في مكة قال له أبو بكر الصديق رضي الله عنه:

أمير أم
مأمور؟

فقال علي بن أبي طالب: بل مأمور.

فكيف يعتقدون في
استخلاف المأمور علي بن أبي طالب، ويتركون الأمير أبا بكر الذي يُعلّم
الناس أمور حجهم، والذي يقود الجميع بما فيهم علي بن أبي طالب نفسه؟

من
الواضح أن هذه القصة حجة عليهم، لا لهم، لكنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى
القلوب التي في الصدور.

شبهة تأخير بيعة علي لأبي بكر

شبهة
أخرى ساقوها للتأكيد على أحقية علي بن أبي طالب في الخلافة، قالوا إنه لم
يكن راضيًا على اختيار أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ولذلك لم يبايعه لمدة
ستة شهور كاملة، فهل غضب علي بن أبي طالب حقًا؟

وإذا كان غضب
فلماذا؟

والحقيقة أن هناك رواية في صحيح مسلم تذكر أن عليًا بن أبي
طالب رضي الله عنه لم يبايع إلا بعد وفاة السيدة فاطمة رضي الله عنها بستة
أشهر، ومع ذلك فقد روى ابن حبان بسند صحيح موصولًا إلى أبي سعيد الخدري رضي
الله عنه أن عليًا بايع أبا بكر الصديق رضي الله عنه في اليوم الثاني
للخلافة، فما تفسير ذلك؟

التفسير الذي يرجحه ابن كثير رحمه الله أن
عليًا ابن أبي طالب، قد بايع مرتين، المرة الأولى في اليوم الثاني لوفاة
الرسول صلى الله عليه وسلم، والمرة الثانية بعد وفاة السيدة فاطمة رضي الله
عنها، وذلك بعد ستة شهور من المبايعة الأولى للصديق رضي الله عنه.

أما
المبايعة الأولى فهي التي جاءت في رواية الحاكم والبيهقي وابن سعد وابن
حبان بسند صحيح عن أبي سعيد الخدري، وفيها أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه
صعد المنبر في اليوم الثاني- يوم البيعة العامة للجمهور- فنظر في وجوه
القوم، فلم ير الزبير بن العوام رضي الله عنه، فدعا بالزبير فجاء (الزبير
في ذلك الوقت كان في بيت الرسول صلى الله عليه وسلم يجهزه للدفن، ولم يكن
قد دفن بعد في اليوم الثاني) فقال أبو بكر له:

قلت ابن عمة رسول
الله صلى الله عليه وسلم وحواريه، أردت أن تشق عصا المسلمين.

فقال:
لا تثريب يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فقام فبايع، ثم
نظر أبو بكر في وجوه القوم، فلم ير عليًا، فدعا به فجاء فقال:

قلت
ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه على ابنته، أردت أن تشق عصا
المسلمين.

فقال: لا تثريب يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فبايعه.

فهنا
تصريح بالمبايعة، وقد تخلف الزبير وعلي رضي الله عنهما عن الحضور في يوم
السقيفة، وفي اليوم الثاني، لأنهما كانا مشغوليْن بتجهيز رسول الله صلى
الله عليه وسلم للدفن، ولما استراب أبو بكر رضي الله عنه لغيابهما، أرسل
إليهما يلومهما، فجاءا يعتذران ويبايعان.

بل إن الطبري روى بأسانيده
عن حبيب بن أبي ثابت رحمه الله، أن عليًا كان في بيته، فأتى إليه الخبر عن
جلوس أبي بكر للبيعة، فخرج في قميص ما عليه إزار ولا رداء عَجِلًا، كراهية
أن يبطئ عنه حتى بايعه، ثم جلس إليه وبعث فأحضر ثوبه وتخلله ولزم مجلسه.

ثم
إن عليًا والزبير بن العوام رضي الله عنهما كانا يشعران بشيءٍ من الغضب أو
عدم الرضا بخصوص ما تم في السقيفة بني ساعدة، لم يكن ذلك لعدم اقتناعهما
بأبي بكر الصديق رضي الله عنه، ولكن لأنهما أخرا عن المشورة، وهما- كما
يعلم الجميع- على درجة عالية من الفضل، والسبق والرأي.

- روى الحاكم
وصححه عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، أن علي بن أبي طالب والزبير بن
العوام قالا:

ما غضبنا إلا لأنا أخرنا عن المشورة، وإنا نرى أبا بكر
أحق الناس بها، إنه لصاحب الغار، وإنا لنعرف شرفه وخبره، ولقد أمره رسول
الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة بالناس وهو حي.

كانت هذه هي
المبايعة الأولى، يصاحب هذه المبايعة موقف آخر، هو طلب السيدة فاطمة رضي
الله عنها ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما جاء سيدنا علي رضي
الله عنه يطلب ميراث السيدة فاطمة رضي الله عنها في أبيها صلى الله عليه
وسلم، رفض أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وقال لها حديث رسول الله صلى الله
عليه وسلم لا نورث، ما تركنا صدقة، فوجدت، أي غضبت السيدة فاطمة في نفسها،
تفسير هذا الوقف سنأتي له إن شاء الله في فقرة قادمة، لكن المهم هنا أن
السيدة فاطمة رضي الله عنها وجدت في نفسها، ثم ما لبثت أن مرضت، ولزمت
بيتها يعالجها ويمرضها زوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكان مراعاة
لمشاعرها يقلل من اختلاطه بمجلس أبي بكر رضي الله عنه، فلما ماتت السيدة
فاطمة بعد ستة شهور من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، ودفنها علي بن أبي
طالب رضي الله عنه، شعر أن بعض المسلمين يشعرون بهجرته للخليفة أبي بكر
الصديق، فأراد أن يؤكد على بيعته، وأنه ما انعزل عنه إلا لأمر السيدة فاطمة
رضي الله عنها، فذهب وبايع البيعة الثانية له، ومما قاله علي بن أبي طالب
في هذه المبايعة الثانية، كما جاء في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها
أن عليًا قام فعظم حق أبي بكر، وحدث إنه لم يحمله على الذي صنع (من هجره
للصديق، ومن غضب أصابه للتأخير عن المشورة) نفاسة على أبي بكر، ولا إنكارًا
للذي فضله الله به، ولكنا نرى لنا في هذا الأمر (أي في أمر اختيار
الخليفة) نصيبًا، فاستبد علينا (أي سارع إلى الاختيار دون انتظار علي
والزبير والعباس رضي الله عنه رضي الله عنهم جميعًا) فوجدنا في أنفسنا،
فَسُرّ بذلك المسلمون (أي سروا ببيعة علي بن أبي طالب)، وقالوا: أصبت.

وكان
المسلمون إلى علي قريبًا حين راجع الأمر المعروف.

أي كان المسلمون
قريبين من علي بن أبي طالب فرحين به لما راجع الأمر المعروف أي البيعة التي
اجتمع عليها المسلمون.

وبالطبع فإننا قد شرحنا من قبل لماذا أسرع
أبو بكر وعمر باختيار الخليفة في سقيفة بني ساعدة دون انتظار، وذلك خوفًا
من الفتنة الكبيرة كما فصلنا قبل ذلك، ثم إن علي بن أبي طالب لا يخفى أمره
وليس بالمجهول عند الصحابة، ولو أراد الصحابة في بني ساعدة أن يختاروا
عليًا لرشحوا اسمه للخلافة حتى في غيابه، ولكن كان من الواضح أنه لا يوجد
أحد في المدينة يتقدم على أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

إذن الفريق
الأول من العلماء يقول أن عليًا قد بايع مرتين:

المرة الأولى بعد
وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بيوم، والمرة الثانية بعد وفاة السيدة
فاطمة رضي الله عنها، لطرد الشائعات بأنه لا يرضى عن خلافة الصديق رضي الله
عنه.

لكن ما زال هناك موقف يحتاج إلى تفسير، وهو أن رواية مسلم
تقول بالتصريح أن عليًا لم يبايع إلا بعد ستة أشهر فما تفسير ذلك؟ يفسر هذا
الموقف بأمرين:

الأمر الأول أن هذه الرواية، وإن كانت في صحيح
مسلم، إلا أن البيهقي رحمه الله ضعفها، وذلك لأن الزهري أحد رواتها رواه
رواية غير متصلة فالسند ـ كما يقول ـ منقطع، فلو كان صحيحًا فلا يبني عليها
هذا النفي للبيعة، وعلى الطرف الآخر إن صحت هذه الرواية، فإنها تحمل على
أن الراوي لهذا الحديث لا يعلم أن عليًا قد بايع المبايعة الأولى، فهنا
حديث صحيح يثبت لعلي بن أبي طالب بالبيعة الأولى، وحديث آخر لو صح ينفي
البيعة الأولى لعلي بن أبي طالب، فبأي الحديثين نعمل؟

يقول الفقهاء
في ذلك الأمر أن الحديث المثبت يقدم على المنفي، لأن الذي نفى، نفى أن يكون
قد وصل إلى علمه، ولكن قد يكون الأمر حدث، ولم يعلمه، أما الذي أثبت فقد
أثبت؛ لأنه تيقن من الثبوت، مثال ذلك:

روى البخاري ومسلم وبقية
الخمسة إلا أبو داود أن السيدة عائشة قالت:

ما بال الرسول صلى الله
عليه وسلم قائمًا قط.

هذا نفي.

وعلى الناحية الأخرى روى
أيضًا البخاري ومسلم وبقية الخمسة عن حذيفة بن اليمان قال: رأيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يبول قائمًا.

هذا إثبات.

أي الحديثين
نقدم؟

قال العلماء يقدم المثبت على المنفي، حذيفة رأى النبي صلى
الله عليه وسلم يبول قائمًا فهذا حدث، أما السيدة عائشة فقالت إنه لم يبل
قائمًا، وهذا علمها وصدقت فيه، لكن هذا لا يمنع إنه بال قائمًا بعيدًا عنها
ولم تعلمه.

فخلاصة الأمر في هذا أنه لو صح حديث يثبت لعلي بن أبي
طالب البيعة الأولى، فإنه يقدم على الحديث الآخر الذي نفى البيعة الأولى،
وإن صح هذا الحديث.

ثم بفرض أن عليًا لم يبايع فعلًا إلا بعد ستة
شهور، أيقدح هذا في صحـة خلافة الصديق رضي الله عنه؟

أبدًا، إن
البيعة تنعقد ببيعة أهل الحل والعقد، ثم بيعة الجمهور، وهذه البيعات قد تمت
بالفعل لأبي بكر الصديق رضي الله عنه، ولا يضر البيعة أن يناقضها رجل أو
رجلان أو عشرة أو أي أقلية، ومع ذلك فإن علي بن أبي طالب رضي الله عنه لم
يتخلف عن أمر الصديق رضي الله عنه، ولم يتردد عن طاعة أوامره، ولم يشق عصا
المسلمين، وهذا هو المطلوب منه، وليس بالضرورة أن يكون في اختلاطه معه كما
كان قبل الخلافة، فإنه من المعروف أن عليًا بن أبي طالب لم يكن يتخلف عن
الصلوات خلف الصديق رضي الله عنه، لم يكن يتخلف عن الشورى معه، ولما خرج
الصديق رضي الله عنه لقتال المرتدين بنفسه، وقف له علي بن أبي طالب كما روى
الدارقطني عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول:

أخذ علي بن أبي
طالب رضي الله عنه بزمام راحلة أبي بكر رضي الله عنه وقال:

إلى أين
يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

أقول لك ما قال لك رسول
الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد: شم سيفك- أي رده إلى غمده- ولا تفجعنا
بنفسك، وارجع إلى المدينة، فوالله لئن فجعنا بك لا يكون للإسلام نظام
أبدًا.

ولما اضطر أبو بكر للخروج بنفسه بعد أن خرجت كل الجيوش لحرب
المرتدين، ثم هجمت عبس وذبيان على المدينة، خرج معه علي بن أبي طالب إلى ذي
القصة يحارب معه المرتدين، وروى البخاري عن عقبة بن الحارث رضي الله عنه:

رأيت
أبا بكر رضي الله عنه، وحمل الحسن وهو يقول:

بأبي شبيه بالنبي، ليس
شبيه بعلي. وعلي يضحك.

وفي رواية الإمام أحمد أن هذا كان بعد وفاة
الرسول صلى الله عليه وسلم بليال، وذلك بعد صلاة العصر، فهذا ينفي الانقطاع
المذموم الذي روج له المغرضون.

إذن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
لم يكن خارجا عن الجماعة بأي صورة من الصور، ولم يثبت أبدًا أي اعتراض له
على خلافة الصديق، وبايع علي الصديق إما مرتين، وهذا هو الأقرب، أو يكون قد
بايع مرة واحدة بعد وفاة السيدة فاطمة رضي الله عنها، وهذا لا يقدح في
خلافة الصديق، ولم يكن لعدم البيعة أي مردود على طاعة علي بن أبي طالب
للصديق رضي الله عنهم أجمعين.

ومع فداحة الشبهات السابقة إلا أن
سهام المغرضين لا تنتهي.


شبهة المؤامرة على علي

شبهة
جديدة أطلقوها بخصوص هذه البيعة للصديق رضي الله عنه، هذه الشبهة الجديدة
شنيعة للدرجة التي تهدف إلى هدم الإسلام من أساسه، تولى كبرها طائفة الشيعة
أرادوا الطعن في رموز الإسلام العظيمة، بصورة تظهرهم كأسوأ ما يكون
الرجال، هذه الشبهة الشنيعة هي أن الصديق رضي الله عنه، وعمر بن الخطاب،
وأبا عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم، قد تآمروا على أمر الخلافة فيما
بينهم، وساعدتهم في ذلك السيدة عائشة رضي الله عنها، حاشا لله من هذه
الفرية، يزعمون أنهم جميعًا قد تآمروا على أن يأخذ الصديق الخلافة في بادئ
الأمر، ثم يعطيها بعد ذلك لعمر بن الخطاب، ثم يعطيها عمر لأبي عبيدة بن
الجراح، لكن أبو عبيدة مات قبل موت عمر، فلم تكتمل أطراف المؤامرة كما
يقولون، ويقولون أن هذا التآمر ساعدت فيه السيدة عائشة بأن ادعت كما
يقولون، أن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى بالصلاة لأبي بكر، بينما
الحقيقة في زعمهم أنه أوصى بالصلاة لعلي بن أبي طالب، وأخفت ذلك السيدة
عائشة، وبذلك أوصلت الخلافة إلى الصديق رضي الله عنه.

تصوير قبيح
وشنيع، لأعظم أجيال الإسلام ولأرقى رموز الإسلام، إذا كان هؤلاء السابقين
على هذه الشاكلة فلا أمل فيمن جاء من بعدهم، وهذا هو بيت القصيد في الشبهة،
ليست القضية اتهام رجل أو رجلين، ولكن القضية أعمق من ذلك بكثير، هي فعلًا
هدم لدين الإسلام من جذوره، هم يقيسون الأحداث بمقاييس هذا العصر الذي
نعيش فيه الآن، يرون السياسة كما يرونها الآن، مؤامرات، ودسائس، ومكائد،
وخداع، ونفاق، وغش، وتحايل، هذه السياسة التي يشاهدها الناس، وعلى هذا
الأساس يقومون سياسة الإسلام في عهد الخلفاء، وما أدركوا أن الإسلام قدم
أروع أنظمة السياسة، وأرقى الأمثلة للتطبيق العملي لهذه القواعد السياسية،
هم لا يتخيلون أن رجلًا نقيًا مثل أبي بكر، وعمر يكون رجلًا سياسيًا
ناجحًا، فيقولون إما إنه رجل صالح وسياسي فاشل، وإما إنه سياسي ناجح، ولكنه
فشل في مجال الأخلاق، لكن الشواهد تثبت حسن سياستهم، والشواهد أيضًا تثبت
قيادتهم الحكيمة ليس لأوطانهم فقط، بل للأرض جميعًا في زمانهم، إذن في عُرف
العلمانيين، والمستشرقين لا بد لهؤلاء الساسة الناجحين أن يكونوا متآمرين،
هذا ما شاهدوه في الواقع الآن، ولا يتخيلوا أن يوجد في هذا الماضي السحيق
هذه الصورة النقية البهية للساسة المسلمين المهرة في سياستهم، والأنقياء في
قلوبهم، الذين يديرون الدنيا بحكمة، وعيونهم على الآخرة

[الَّذِينَ
إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا
الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ المُنْكَرِ وَللهِ
عَاقِبَةُ الأُمُورِ] {الحج:41} .

هذا طراز أسطوري بالنسبة
للعلمانيين، لكنه حدث في عهد الإسلام، ويتكرر والله كثيرًا في تاريخنا، ليس
في عهد الصحابة فقط ولكن في عصور أخرى كثيرة، وفي أماكن متعددة، ولا بد أن
نفرغ الأوقات لاستخراج الكنوز الثمينة والرموز العظيمة، وما أكثرها.

المهم
أن المستشرقين ساروا وراء طوائف الشيعة المتبعة لهذه الشبهة الخطيرة، شبهة
تآمر أبي بكر، وعمر، وأبي عبيدة رضي الله عنهم لتبادل أدوار الخليفة،
الواحد تلو الآخر، وذلك في زعمهم بمساعدة السيدة عائشة رضي الله عنها.

وتعالوا
نبحث قليلًا في هذه المؤامرة المزعومة:

أولًا: من هؤلاء المتهمين
بالمؤامرة؟

- أبو بكر الصديق رضي الله عنه، أهذا الرجل الذي تحدثنا
عنه في هذا الكتاب، الذي يتآمر بهذه الصورة على الخلافة؟!

أهذا
الرجل الذي تحدثنا عن إيمانه، وصدقه، وورعه، ورقة قلبه، وسبقه وإنكاره
لذاته وثباته، أهذا الرجل هو الذي يتآمر؟!

أهذا الرجل الذي كان
يتورع عن لقمة واحدة حرام، لا يتورع عن أكل حقوق أمة كاملة؟!

روى
البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت:

كان لأبي بكر الصديق غلامُ
يخرج له الخراج، وكان أبو بكر يأكل من خراجه- الخراج شيء يجعله السيد على
عبده، يؤديه إلى السيد كل يوم وباقي كسبه يكون للعبد- فجاء هذا الغلام
يومًا بشيء فأكل منه أبو بكر، فقال له الغلام:

تدري ما هذا؟

قال
أبو بكر: وما هو؟

قال: كنت تكهنت في الجاهلية لرجل، وما أحسن
الكهانة، إلا أني خدعته، فلقيني، فأعطاني لذلك، هذا الذي أكلت منه

إذن
هذا مال حرام أخذ بخديعة وبكهانة، ماذا كان رد فعل الصديق للقمة أكلها
ونزلت في معدته.

فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه.

هذا
هو الصديق رضي الله عنه، ثم أليست هناك إشارات في منتهى الخبث، في اتهام
الصديق في صدقه، وإدعاء أنه كذب ليستولي على الخلافة، أليس الذي سماه
بالصديق هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل في رواية أن الله عز وجل هو
الذي سماه بذلك، أليس هذا هو الذي سماه الله بالأتقى؟

أيفعل هذا
الصديق الأتقى؟!

أيكون أول الداخلين إلى الجنة من أمة الإسلام بعد
رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الصورة، فكيف بمن يدخلون من بعده،
إذن هذا هو الرجل الأول في الاتهام في شبهتهم، قاتلهم الله، أني يؤفكون؟

-
الرجل الثاني في ادعائهم: عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

الفاروق رضي
الله عنه، ولو بحثت في حياته رضي الله عنه عن أهم صفاته، وأبرز خلاله
لكانت صفة العدل، والصدع بالحق، دون أن يخشى في الله لومة لائم، أيفعل هذا
الذي وصف بذلك ما يدعيه هؤلاء المغرضين؟ روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد
الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بَيْنَا أَنَا
نَائِمٌ، رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَيَّ، وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ،
مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثَّدْيَ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذَلِكَ،
وَمَرَّ عُمَرُ بْنَ الْخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ. قالوا:
ماذا أولت ذلك يا رسول الله؟

قال: الدِّينُ.

أهذا الذي يغمره
الدين إلى هذه الصورة يقوم بمثل هذه المؤامرة؟،

- الرجل الثالث في
ادعائهم: أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه:

هو الرجل الذي سماه
رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمين، صفة مميزة له في حياته كلها، روى
البخاري ومسلم عن حذيفة رضي الله عنه قال: جاء أهل نجران إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله ابعث لنا رجلًا أمينًا.

فقال:
لَأَبْعَثَنَّ إِلَيْكُمْ رَجُلًا أَمِينًا، حَقَّ أَمِينٍ حَقَّ أَمِينٍ.

قال
حذيفة: فاستشرف لها الناس، قال: فبعث أبا عبيدة بن الجراح رضي الله عنه.

وانظر
عندما يختار رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا من كل الأمة يصفه
بالأمانة، ويسميه أمين هذه الأمة، أي أشد الناس اتصافًا بهذه الصفة في هذه
الأمة، ثم يأتي قوم فيطعنون في أمانته، ما الذي وراء ذلك؟ أليس هذا طعنًا
في الأمة بأسرها؟

ثم أليس هذا طعنًا في الذي سماه بهذا الاسم؟

يقولون
بدلوا وغيروا من بعده؟

أي حجة تافهة، أليس منقصة في حقه صلى الله
عليه وسلم، أن يربي ويعلم وينصح سنوات وسنوات، ثم يأتي النبهاء والفضلاء
الأوائل من تلامذته، فيفشلون جميعًا في أول اختبار، فيفشل الصديق في صدقه،
ويفشل الفاروق في عدله، ويفشل الأمين في أمانته؟

أليس عجيبًا حقًا
هذا الاتهام؟

لكن سبحان الله، إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى
القلوب التي في الصدور.

- المتهم الرابع في ادعائهم: السيدة عائشة
أم المؤمنين رضي الله عنها:

واحدة من أعظم نساء العالمين، روى
البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: الرسول الله صلى
الله عليه وسلم: كَمُلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ تَكْمُلْ مِنَ
النِّسَاءِ غَيْرُ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ، وَآسِيَةَ امْرَأَةِ
فِرْعَوْنَ.

وفي رواية زاد عليهن خديجة رضي الله عنها وفي رواية زاد
عليهن فاطمة بنته صلى الله عليه وسلم.

ثم قال: وَإِنَّ فَضْلَ
عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ.

كثير
من العلماء قالوا أنه بهذا الحديث تكون السيدة عائشة أفضل على النساء، ومن
العلماء قدم هؤلاء على السيدة عائشة، لكن على أي حال هذه واحدة من أعظم
نساء العالمين على الإطلاق، فإذا كانت واحدة بهذا القدر وهذه المكانة تتآمر
على الخلافة لصالح أبيها فأي خير يبقى في الأمة؟

طعن خبيث لا شك أن
وراءه طعنًا في الأمة بأسرها، إذن في الرد على شبهة التآمر هذه ذكرنا صفات
الذين اتهموهم بالمؤامرة ورأينا كيف أنه يستحيل، فعلًا يستحيل في حقهم هذا
الأمر.

ثانيًا: لم يرد أي نص صحيح يصف على وجه اليقين، أو حتى على
وجه الشك مثل هذه المؤامرة، ونحن لا نأخذ شيئًا من سيرة الرسول صلى الله
عليه وسلم ولا من سيرة الصحابة إلا بنقل صحيح ، ودليل قوي ثابت، لا نقبل
برواية موضوعة، أو منكرة، أو شديدة الضعف، وبالذات في الأمور الخلافية،
والأمور التي فيها طعن، ولو بسيط في أحد الصحابة، فكيف بمن يطعن في عمالقة
الصحابة؟ وبشبهة مثل هذه الشبهة.

ثالثًا: إذا كانوا قد تآمروا على
هذا الأمر في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، فأين كان الوحي وقت ذلك؟

أيعلم
الله عز وجل بمثل هذا الأمر الخطير، ثم لا يوحي إلى رسوله صلى الله عليه
وسلم بهذا؟

أم يوحي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك ويكتم؟

إن
الأمر على أي وجه فيه طعن مباشر ليس في كبار الصحابة فقط، بل في الله
ورسوله، ولا يخفى ضلال هذا المنهج في التناول.

رابعًا:.الأحداث التي
دارت قبيل وفاة الرسول صلى الله عيه وسلم، وبعد وفاته، لا توحي مطلقًا
بوجود مؤامرة، فلم يكن أبو بكر قريبًا من بيت الرسول صلى الله عليه وسلم في
الوقت الذي طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم تقديمه للصلاة، ولو كان هناك
اتفاق بينه وبين السيدة عائشة لأصبح قريبًا من البيت حتى يتولى الإمامة
حسب الاتفاق، بل إنه في اليوم الأخير في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم،
مع أنه يعلم أن هذا المرض هو مرض موت الرسول صلى الله عليه وسلم، إلا أنه
قد استأذن في الذهاب إلى السنح خارج المدينة، حيث بيت أم خارجة زوجته.

ولو
كان يرغب في الخلافة، ويتآمر عليها لبقي في بيته الذي بالمدينة بيت أسماء
بنت عميس رضي الله عنها، ثم لو كان هناك تآمر، أكانت السيدة عائشة تراجع
رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر الصلاة وتقول له إن أبا بكر رجل أسيف
أو رقيق؟!

كان من الممكن أن يقول لها رسول الله صلى الله عليه وسلم
نعم الحق معك فليصل فلان بالناس، فإذا عين رجلًا آخر كانت الصلاة له، ثم
الخلافة بعد ذلك، ولكن ذلك لم يحدث، على الرغم من أن السيدة عائشة راجعت
الرسول عليه الصلاة والسلام، وأصر الرسول على موقفه.

وكما ذكرنا لم
تكن فاطمة ولا علي رضي الله عنهما بعيدين عن سرير رسول الله صلى الله عليه
سلم، فلو أمر أحدًا غير أبي بكر بالصلاة لأخبرهما بذلك الأمر وهو ما لم
يحدث.

خامسًا: هل ظهر في سيرة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما عند تولي
الخلافة ما يشير إلى أنهما طمعا فيها حتى يقوما بهذه المؤامرة الخبيثة؟

أعتقد
أنه لو كان هناك رجل بهذا الخبث الذي يتحايل فيه على نبي، وعلى أمة، فإن
حياته سوف تشهد بذلك لا محالة، ماذا فعل أبو بكر بالخلافة؟

ألم يكن
خليفة المسلمين، ثم ينزل ويخدم العجوز في بيتها، ويحلب الشاة للضعفاء
وعندما يُسأل: من أنت؟

يقول: رجل من المهاجرين؟

أهذا هو
الرجل المتآمر على الخلافة؟

لقد كانت الرئاسة في حقه، وفي حق عمر
بعد ذلك عبئًا وتكليفًا ولم تكن أبدًا هدية أو تشريفًا.

سادسًا: هل
لو في نية هؤلاء الأفاضل أن يتآمروا أكانوا يذهبون إلى سقيفة بني ساعدة
ثلاثة فقط؟ ألم يكن من المناسب أن يدبروا الأمر ويأتوا بالمهاجرين؟

ماذا
يحدث لو اجتمعت الشورى على غيرهم؟

ماذا كانوا سيفعلون وهم ثلاثة،
وفي أرض المدينة؟

التحليل الصادق يقول أنهم ما أعدوا لهذا الأمر
مطلقًا، بل ذهبوا على سجيتهم، وطرحوا آراءهم، ووجدت قبولًا شرعيًا، وعقليًا
عند الأنصار، فقدموا أبا بكر الصديق رضي الله عنه.

سابعًا: أيتآمر
أبو بكر وعمر على الخلافة؟

ألا يعلم المغرضون إلى أي القبائل
ينتمون؟

أبو بكر الصديق رضي الله عنه من قبيلة بني تيم، وهي من أضعف
بطون قريش، وعمر بن الخطاب من قبيلة بني عدي وهي قبيلة ضعيفة أيضًا،
أيتآمر رجلان من هاتين القبيلتين على سائر قبائل قريش؟

أيتآمرون على
بني هاشم، وبني أمية وبني مخزوم وغيرها من القبائل العظيمة الكبيرة ذات
المنعة؟

لقد كان اختيار أبي بكر للخلافة أمرًا لافتًا للنظر فعلًا،
لقد تعجب أبو قحافة نفسه والد الصديق رضي الله عنه من هذا الأمر فكما روى
الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال:

لما قبض رسول الله صلى
الله عليه وسلم ارتجت مكة، فسمع أبو قحافة ذلك فقال ما هذا؟

قالوا:
قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال: أمر جلل، فمن قام بالأمر
بعده؟

قالوا: ابنك.

قال: فهل رضيت بذلك بنو عبد مناف وبنو
المغيرة؟

قالوا: نعم.

قال: لا واضع لما رفعت، ولا رافع لما
وضعت.

فالجميع كانوا يتعجبون من هذه النتيجة للانتخاب، وليس لها
تفسير إلا أنها حدثت من نفوس طاهرة أخرجت الدنيا تمامًا من القلب، وحكّمت
الشرع والدين، ورضيت بقول الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم.

شبهة
مقولة أبي سفيان

شبهة أخرى تافهة: يقولون أن أبا سفيان رضي الله
عنه قال بعد أن تولى أبو بكر الخلافة لعلي وعباس رضي الله عنهما:

ما
بال هذا الأمر في أقل قريش قلة، وأذلها ذلًا، والله لئن شئتم لأملأنها
عليه خيلًا ورجالًا.

أي أن أبا سفيان رضي الله عنه يحرض علي وعباس
على الانقلاب على المدينة، يريدون بذلك أن يشيعوا أن جوًا من الغضب، وعدم
الرضا كان يملأ المدينة، وسبحان الله، ما أتفه الشبهة

أولًا:
الرواية أيضًا ضعيفة جدًا، ذكر ذلك الأستاذ محمود شاكر في كتابه القيم
التاريخ الإسلامي.

ثانيًا: هل يمكن أن يتجرأ أبو سفيان رضي الله عنه
على هذا الفعل، وهو من الطلقاء؟

والطلقاء هم الذين أطلقهم رسول
الله صلى الله عليه وسلم مَنًّا عليهم يوم فتح مكة.

أيتجرأ على هذا
الفعل، وهو يعلم أن قلوب المسلمين قد تكون ما زالت محتفظة بذكريات العداء
الطويل معها لمدة إحدى وعشرين عامًا.

ثالثًا: هل كان يقبل علي
والعباس رضي الله عنهما هذا التحريض دون رد، هل يقبل منهما ذلك في ظل الورع
والتقوى والإخلاص الذي اشتهر به كلاهما؟

ومع ذلك فالرواية الضعيفة
التي ذكرت القصة أوردت ردًا من علي بن أبي طالب على أبي سفيان يبرأ ساحته
وساحة العباس رضي الله عنهما، لكن المغرضين أخذوا ما يريدون، وتركا ما لا
يريدون، وهكذا طبيعتهم، يؤمنون ببعض الكتب ويكفرون ببعض، لقد رد علي بن أبي
طالب رضي الله عنه في هذه الرواية بقوله لأبي سفيان:

لطالما عاديت
الإسلام وأهله يا أبا سفيان، فلم يضره ذلك شيئًا، إنا وجدنا أبا بكر لها
أهلًا.

فحتى على فرض صحة الرواية فعلي بن أبي طالب يرد ردا شافيًا
على الشبهة ويهدمها من الأساس.

رابعًا: أكان يسكت أبو بكر على هذا
التحريض مع خطورته؟

ألم يكن من الواجب أن يكون هناك رد فعل تتناقله
كتب السيرة والأحاديث، فأين ذلك الرد؟

أم هم يفترضون أن يدبر
انقلابًا ويشجع عليه ولا يتحرك الخليفة؟

خامسًا: ما مصلحة أبي سفيان
في تحريض علي وعباس رضي الله عنه؟

لو كانت رواسب الجاهلية ما زالت
في قلب أبي سفيان ويريد دنيا من وراء هذا الأمر فلماذا يحرض رجلين عزيزين
من بني هاشم؟

لو دخلت الخلافة في بني هاشم فلن تخرج منها لعزتها،
ولقرابتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وبالتالي لن تذهب إلى بني أمية،
قبيلة أبي سفيان، أما إن بقيت في تيم فإنها لا شك ستخرج منها بعد وفاة
الصديق فليس في بني تيم عَلَم مثل الصديق رضي الله عنه، فحتى من الناحية
الدنيوية لا يستقيم أن يفعل أبي سفيان ذلك فكيف يفترض ذلك المغرضون؟

قضية
ميراث الرسول صلى الله عليه وسلم

والقضية لها علاقة وثيقة بقصة
استخلاف أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فهي من أول أعماله في الخلافة رضي
الله عنه، ونتج عنها بعض المواقف التي أساء المستشرقون، وأصحابهم فهمها،
واستغلوها في الطعن في عظماء الصحابة، لقد ترك رسول الله صلى الله عليه
وسلم أرضًا، كانت له بالمدينة وفدك (قرية خارج المدينة)، وما بقي من خمس
خيبر، وبعد وفاته صلى الله عليه وسلم ذهب العباس وعلي رضي الله عنهما
يطلبان نصيب العباس ونصيب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alganah.alafdal.net/profile?mode=editprofile&page_pro
 
شبهات حول استخلاف أبي بكر الصديق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  استخلاف الصديق
»  التحذير من مسلسل يوسف الصديق (الشيعى)
» شبهات حول الفتوحات الامويه
» شبهات حول بعض تشريعات الإسلام
» استخلاف معاويه بن يزيد وتنازله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: الملتقى العام-
انتقل الى: